تحميل رواية مدار السرطان لهنري ميلر PDF

نشر الروائي الأمريكي هنري ميلر روايته «مدار السرطان» في باريس عام 1934، ثم أعقبها بروايته التالية «مدار الجدي» عام 1939، لكن هاتين الروايتين لم تظهرا في كل من أمريكا وبريطانيا إلا في الستينات من القرن العشرين، وظل اسم هنري ميلر مغموراً حتى أوائل الستينات، ثم بدأت الحملة ضد رواية «مدار السرطان» تستعر عندما أقدمت دار نشر أمريكية على نشرها، فقد تعرضت للمصادرة في عدة ولايات ومدن أمريكية، وظل الحظر مفروضاً على الرواية لمدة ثلاثة عقود، انهالت فيها على المؤلف شتى الاتهامات.

وصل الحال بميلر إلى أن يقول: «في هذا العالم يصبح الشاعر بغيضاً، والمفكر مغفلاً، والفنان هروبياً من الواقع، وصاحب الرؤى محرماً» هو الذي كان في البداية حسب تعبير أحد أصدقائه: «تفاؤله بالحياة كان عظيماً لدرجة أنه استطاع أن يرى النور في قلب الظلمة، والأمل في قلب اليأس، وقبل الحرب العالمية الثانية سافر هنري ميلر إلى باريس، حيث عاش لمدة عشرة أعوام متصلة عيشة بوهيمية، وجميع كتاباته ليست إلا انعكاساً لحياته، الأمر الذي يجعل منها نوعاً من السيرة الذاتية».

يعترف هنري ميلر (1891 1980) قائلاً: «أعتقد أن القارئ بداية يفهم أن الذي أجاهد لعمله ككاتب هو ببساطة أن أحكي قصة حياتي، ليس من قبيل التفكير الدائب في النفس، لكن لأنني من ذلك النوع المغفل الأمين الذين يظن أنه ليس بمقدوري أن أكتب بأمانة عن أي شخص سوى نفسي».

تحميل رواية مدار السرطان لهنري ميلر PDF

كما يعترف بأن أمه عبرت عن تأففها من طريقة كتابته، وحين ماتت عام 1956 قال: «إن أمي لم تفهمني أو تقبلني أبداً حتى يوم وفاتها، وقد كنت قريباً جداً منها في الشهور الأخيرة من حياتها في مدينة نيويورك، وهي لم تقرأ سطراً واحداً مما كتبت، كما أنها لا تكاد تعترف بي كاتباً، ويبدو أنها تخجل من كوني كاتباً، واعترضت سبيلي طوال حياتها، ومن ثم فقد شعرت بالارتياح لوفاتها».

رغم أن ميلر استطاع أن يحقق توازنه النفسي وخلاصه الروحي حين كتب «مدار السرطان»، لكن الرواية جاءت لتحطم الشكل التقليدي، فهي عبارة عن مجموعة من الحكايات والأحلام والمقالات، التي لا يكاد يربط بينها رابط. 

فيما يتعلق بكتابة الرواية قال: «لم أفعل شيئاً عن وعي، كنت أنقاد مثل ريشة في مهب الريح، وقبلت مجرد الكتابة من أجل الكتابة، أي أن أكون مجرد كاتب على وجه أصح» ولم يكن حديثه عن الكتابة التلقائية صحيحاً، فقد أعاد كتابة الرواية ثلاث مرات على الأقل، هنا يقول د. رمسيس عوض في كتابه «الأدب الإنجليزي والأمريكي أمام المحاكم» إن ميلر لم يحالفه التوفيق في الكتابة إلا بعد أن جعل من نفسه راوياً لأحداث رواياته، ويقول ميلر عن نفسه في هذا الشأن: «إن النقاد الإنجليز يتحدثون بطريقتهم المهذبة البليدة عن بطل روايتي «مدار السرطان» كما لو كان شخصية من اختراعي، لكنني أوضحت بقدر ما أستطيع أنني كنت أتحدث عن نفسي في هذه الرواية، لدرجة أنني استعملت اسمي في طول الرواية وعرضها، إنني لم أكتب قصة من وحي الخيال، بل سطرت وثيقة تتضمن سيرتي الذاتية».

في عام 1931 حاولت دار نشر أمريكية الحصول على موافقة ميلر على نشر روايتيه «مدار السرطان» و«مدار الجدي» في الولايات المتحدة الأمريكية، زاعمة أن مطبعة في المكسيك هي التي نشرتها، لكن هذه الحيلة لم تنطل على السلطات الأمريكية، فأصدرت حكماً بحبس الناشر لمدة سنتين، وبعد مضي أربعة أعوام اقترحت دار بنجوين نشر نسخة من الرواية، بحيث تخلو من الكلمات البذيئة، فرفض المؤلف ذلك، وفي عام 1953 نظر القضاء الأمريكي أول قضية لرفع الحظر المفروض على الرواية، ثم انهالت القضايا المرفوعة ضدها، في مختلف الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت أكثر القضايا صخباً تلك التي نظرتها محكمة ولاية شيكاغو عام 1964، وحكم فيها القاضي ببراءة الرواية من البذاءة، لأن الدستور الأمريكي يحمي حق المواطن بولاية شيكاغو في قراءة هذا العمل.