التحكم في الغضب و التخلص منه

التحكم في الغضب و التخلص منه










الغضب عبارة عن انفعال ينتاب الانسان، وكل الناس بمختلف أصنافهم وأعمارهم معرضون لهذا النوع من الانفعال، كبارا كانوا أم صغارا، ذكورا أم اناثا...
لكن درجات ومستويات الشدة تختلف، وفي معظم الأحيان تكون النتائج إما ايجابية أو سلبية، وهذا يتماشى وفقا لمدى تحكم الشخص في نفسه.
لذا فمفتاح التحكم في غضب الشخص هو سيطرته على نفسه وعلى عواطفه.
ولكي يفلح المرء في التحكم في عواطفه، يستلزم عليه أولا وقبل كل شيء أن يلقي نظرة على ماهية الغضب في حد ذاتها.

إذن فماهو الغضب وكيف يتم التعامل معه بفعالية؟

الغضب عاطفة يمكن أن يكون سببها مجموعة متنوعة من الأشياء، القضايا، الناس، الأماكن،...إلخ.
ومن بين أبرز الأسباب التي تؤدي عادة إلى اثارة الغضب هي الغيرة، الفشل، الجشع، الخوف، عدم تقدير الذات، الشعور بالتهديد والألم.

عندما يغضب الشخص، فإن العواطف السلبية في الحقيقة يمكن لها أن تضر بصحته البدنية والنفسية.
لذا فسرعة نبضات القلب ترتفع، مستوى التوتر يزيد، وغالبا ما تكون ردة الفعل الفورية هي الشجار أو التطيّر؛ وقلما يقدم أحدهم بديلا صحيا عن ذلك.

فما هي البدائل التي قد تخلص الغاضب من غضبه يا ترى؟؟
للاجابة على هذا السؤال، نقوم بعرض عناصر عدة تساهم بقوة في التخلي عن مشكلة الغضب تدريجيا باذن الله:


1- أحسنُ ما يمكن للمرء أن يفعله كي يتفادى الغضب، هو أن يكون مستعدا له مسبقا، وذلك عن طريق توقعات يضعها وينتظر احتمال حدوثها، ثم يقترح لنفسه حلولا لها مستندا إلى ما أمضى من تجارب.
فحالما يواجه أمرا يتسبب له في الغضب واثارة الأعصاب، يشرع مباشرة في تطبيق تلك الحلول التي وضعها لنفسه مسبقًا ليجدها مهيأةً لا تنتظر إلا التطبيق.
بالمواظبة على هذه الطريقة يتم اكتساب خبرة في كل مرة مما يساعد على تغليب الحكمة والعقل على العاطفة العمياء التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى ما لا يُحمد عقباه، لا سمح الله.


2- ضع لنفسك مذكرةً خاصةً بك بهدف تدوين أيِّ مُسببٍ للغضب، سُبُلا لتفادي أي مواجهات محتملة في الطريق أو الحيل الممكنة التي تود أن تجربها وتتوقع أنها سوف تكون ذات فعالية.
لكن في نفس الوقت خصص لنفسك أوقاتا تلقي فيها نظرة على مذكرتك هذه كي تترسخ هذه الأفكار والحيل في ذهنك، لأنه لا يعقل أن تقوم بسحب المذكرة والاطلاع عليها في كل مرة تشعر فيها بالغضب!
هذه الطريقة سوف تكون نقطة بداية جيدة للتخلص من مشاكلك وتطوير شخصيتك نحو الأحسن باذن الله.


3- عندما تحس أن الغضب بدأ يتراكم بداخلك، دع جسمك يسترخي بأكمله قدر المستطاع وفي نفس الوقت اشرع في التنفس البطني.
التنفس بهذه الطريقة يفتح لك المجال لجعل كل من جسمك ونفسيتك يَهدَءَان، ما يؤدي إلى تلاشي الغضب حتى قبل أن يبدأ في الظهور والتنامي.


4- مارس الرياضة مرتين أو ثلاثا في الأسبوع كحد أدنى، لكنْ حاول دائما التوفيقَ بين الرياضة والراحة كي لا تُعرِّضَ نفسك للاجهاد.
اختر لنفسك احدى الرياضات الآسيوية التي تساعد على استرخاء الجسم وتدريبه على المقاومة.
ممارسةُ الرياضة بهذا الشكل ليست بالضرورة مُقترِنةً بامتلاك الكثير من المال أو الوقت، لأنه بامكانك الركض بعيدا عن المدينة وسطَ مساحاتٍ خضراءَ أوقاتَ العطلة الأسبوعية مثلا، بل ذلك سوف يَرجِع عليك بالفائدة أضعافا، لأنه بهذه الطريقة أنت تقوم بتغذية جسمك بالأكسجين عن طريق الهواء النقي الذي تَمُدُّكَ بِهِ الطبيعةُ هنالك، كما أن نفسيتك سوف تجد راحتها مع كل ما يتغذى به بصرُك من مناظر مريحة وكل ما يتلقاه سمعك من زقزقة للعصافير وما إلى ذلك.
وكن متيقنا أنه كلما عرّضتَ عضلات جسمك للتمديد الذي تحتويه التسخينات، كلما كان ذلك ذا تأثير ايجابي كبير على حالتك النفسية وراحتك واسترخاء بدنك، لذا حاول عدم اهمال هذا الجانب المهم.


5- احرص دائما على التساؤل إذا ما كان غضبُك واجهادُ نفسِك سيأتي بالفرق أم أنّك فقط تستدعي الضرر لنفسيتك وبدنك.
هذا التساؤل غالبا ما يدفعك إلى تغليب الحكمة والعقل وتفادي ردود الفعل الغاضبة إلى حد بعيد، الأمر الذي يزيد في تحكمك في نفسك، لأن التحكم في النفس قوة، وقد تحدث عن ذلك رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قائلا: (ليس الشديدُ بالصُّرَعة إنما الشديدُ الذي يَملك نفسه عند الغضب) .


6- تَصَوَّر في مخيلتك منطقة خالية من التوتر، ولتكن هذه المنطقة مكانا كنتَ قد قمتَ بزيارته من قبل، أحسستَ فيه بالراحة التامة والهدوء، مكانا تلتجيء إليه حالما تحس أن الغضب بدأ يحتلك.
فلتكن هذه المنطقة مكانا، أو حتى شخصا كنتَ قد زُرتَهُ من قبل وشعرتَ بالاستئناس معه والراحة والاسترخاء.


7- عندما تحس أن الغضب بدأ يتنامى بداخلك تجاه تصرفات شخص ما، ضع نفسك مكانه وتخيل أنك تقوم بفعل نفس الشيء الذي يقوم به، ثم اطرح على نفسك سؤالا إذا ما كنتَ ستتصرف بنفس التصرف تماما مثل الذي قام به هُو؟
هل كنتَ ستشعر بالغضب إذا كنتَ انت الذي قام بذلك الفعل؟؟


8- تذكر دائما أنك أنت، فقط أنت من تسمح للغضب بالتنامي بداخلك، في حين يمكن أن يتسبب به أحدهم، حينها ستجد نفسك في موقف المختار: بين إذا ما كنتَ ستسمح لنفسك بالاستسلام للمضايقة، أم أنك ستقف موقف الحكيم الذي لا تحركه زفة ريح.


9- العد حتى الرقم عشرة يمكن له أن يساعد على تشتيت الغضب. فبالتركيز على العد سوف تنسى كل ما حدث، وسوف تدرك سريعا أنك تقوم بطرده عنك بعيدا.


10- خاطب نفسك بعبارات تراها مساعدة لك لتجنب المشكلة، مثلا أخبر نفسك بأن الأمر بسيط ويجب عليك اتخاذه ببساطة، كرر عبارات مثل: "أنا أحس بالهدوء والاسترخاء وراحة البال"، "الغضب لن يفيدني في شيء"، أو: "دعنا من أمره!"، أو أحسن من ذلك قم بترديد سور أو آيات أو أذكار مفيدة لحالة الغضب.
كل ذلك يمكن أن يساعدك على جعل الغضب يتلاشى، وأن يجعلك ترجع إلى حالتك الطبيعية التي يجب أن تكون عليها، لتصبح صاحب عقل يفكر بطريقة أكثر ايجابية وهدوء.


في الأخير، لم يتبق لنا إلا أن نقول أن صحة المرء وسلامة عقله هي رأس ماله الذي به يمكن أن يكون في حياته انسانا ناجحا وصالحا.




تعليقات