عناصر الكاريزما والجاذبية | القوة والسلطة

تعرّفنا من خلال المقال السابق على عناصر الشخصية الكاريزمية الثلاثة وهي: قوّة الحضور أو Presence. السلطة والقوة أو Power. المودّة والدفء أو Warmth. وتطرّقنا للحديث عن قوة الحضور أو الـ "Presence". أمّا في مقال اليوم، فسوف نتحدّث بالتفصيل عن عنصر الكاريزما الثاني وهو: السلطة والقوّة.

يستطيع الأشخاص الكاريزميون إنجاز المهام المختلفة الموكلة إليهم، وتحقيق الأهداف، أو على الأقل هم يعطون انطباعًا بقدرتهم على ذلك. إنهم يجذبون الناس إليهم كالمغناطيس تمامًا وتعدّ القوّة والسلطة جوهر هذا الجذب. إلاّ أنّ ذلك لا يعني بالضرورة أنّهم رؤساء العالم، أو أصحاب شركات دولية ضخمة، على العكس، قد نجد أناسًا قادرين على إظهار القوّة والنفوذ في أبسط مجالات الحياة اليومية.

وضّحت أوليفيا فوكس في كتابها "خرافة الكاريزما" معنى القوّة في هذا السياق بقولها: "إنّها تعني القدرة على التأثير على العالم من حولنا، سواءً كان ذلك من خلال ممارسة السلطة على الآخرين، الثراء الفاحش، الخبرات الكبيرة، القوة الجسدية الهائلة أو من خلال المكانة الاجتماعية المرموقة".

نصائح لتصبح صاحب نفوذ وسلطة أكبر تذكّر أن الكاريزما تتعلّق بتصوّر الناس عنك، لذا فأنت لست بحاجة لأن تكون فاحش الثراء أو صاحب نفوذ كبير، كلّ ما عليك فعله هو أن تعطي انطباعًا بذلك. ابدأ بتطبيق المثل الإنجليزي القائل: "Fake it until you make it". أعط انطباعًا أنّك شخص ذو قوّة ونفوذ من خلال اتباع الخطوات التالية:

تبدأ القوة الحقيقية في العقل، إذا شعرت في داخلك بأنك شخص واثق وصاحب قوّة، سيشعر من حولك بالأمر ذاته حيث تمنحك الثقة بالنفس هالة من الطاقة لا تقاوم تجذب إليك العديد من الأشخاص الذين سيرغبون في معرفتك بشكل أفضل. تذكّر دومًا أنّ جوهر الثقة بالنفس يكمن في البراعة، حيث أنّ امتلاك المعرفة الكافية والبراعة في موضوع معيّن سيلعب دورًا أساسيًا في زيادة ثقتك بنفسك وتحسين نظرتك لنفسك.

يقال: حتى تكون ناجحًا، عليك أن تعرف شيئًا عن كلّ شيء وكلّ شيء عن شيء واحد. بالإضافة إلى مجال تخصصك الذي تبرع فيه، عليك أن تكتسب معرفة حول مختلف المواضيع الحياتية. فالذكاء يعتبر أحد أهمّ مميزات الشخص صاحب التأثير، وكلّما كان الشخص أكثر قدرة على التحاور بثقة والدخول في نقاشات مختلفة، بدا للآخرين أكثر ذكاءً واكتسب مزيدًا من القوة والتأثير. قد تتساءل كيف يمكنك تطوير معارفك؟ الجواب بسيط، ما عليك سوى أن تقرأ ثمّ تقرأ وتقرأ، اغتنم كلّ فرصة ممكنة لقراءة شيء جديد حول موضوع ما في هذا العالم.

شكلك الخارجي هو أول شيء يلفت نظر الآخرين إليك، العضلات القوية تعطي انطباعًا بالقوّة والقدرة على السيطرة على الآخرين. في حين يشير القوام الممشوق إلى قدرة صاحبه على الإلتزام وقوة التحمّل من أجل تحقيق الأهداف المرغوب فيها. لذا لا تستهن أبدًا بأهمية شكلك الخارجي، واحرص على اتباع نظام غذائي صحي وبرنامج رياضي مناسب.

تلعب الثياب والملابس دورًا مهمًا في التأثير على آراء الناس حول قوّة ونفوذ أحدهم. عندما نرى جنديًا يرتدي بزّته العسكرية، وعلى كتفه العديد من الشارات والأوسمة سيتبادر إلى ذهننا مباشرة نفوذه الواسع في المجال العسكري. وكذلك الحال إذا رأينا شخصًا يرتدي بدلة رسمية، فأول ما سيخطر لنا هو أنه رجل أعمال أو موظّف في شركة مرموقة. لستَ مضطرًا لارتداء ثياب باهظة الثمن تحمل اسم مصمّم أزياء شهيرًا. كلّ ما عليك فعله، هو اختيار ملابس رسمية تناسب مقاسك وتمنحك شعورًا بالقوة والنفوذ. وهنا نجد الكثيرين يقولون: " لكن هذا الأمر ليس إجباريًا، حيث أنّ مارك زوكربيرغ مؤسس فيسبوك يرتدي دائمًا ثيابًا رياضية لا تعطي أيّ انطباع بالقوة أو النفوذ." هذا صحيح، لكن تذكّر أنّ نجاح زوركبيرغ انبثق من العمل المستمر في إحدى غرف سكن الطلاب الجامعي، وليس من خلال التشبيك مع الشركات وأصحاب السلطة. المثال الأفضل الذي يمكنك أن تنظر إليه هو ستيف جوبز مؤسس شركة Apple، صحيح أنه في يومنا هذا ملتزم بزيّه المتمثّل في بنطال جينز وبلوزة سوداء. لكنه وقبل أن يصل إلى ما وصل إليه من نجاح باهر كان يظهر دومًا بمظهر أنيق وهو يرتدي بدلة رسمية. عندما تمتلك القوة، يمكنك ارتداء ما ترغب به، ولكن أثناء عملك على بنائها، احرص على أن تظهر بمظهر لائق.

ترتبط هذه النصيحة ارتباطًا وثيقًا بلغة الجسد، يمكنك اتباع هذه الخطوة البسيطة لتعطي انطباعًا أكبر عن قوتك، حاول أن تأخذ حيّزًا أكبر من المكان حولك، حيث أنّ أصحاب النفوذ والسيطرة عادة ما يستخدمون حيزًا أكبر من غيرهم، بدلاً من الجلوس على الكرسي بشكل طبيعي، قد نجد أنهم يضعون يديهم على ظهر الكرسي، أو أرجلهم على المكتب، أو قد يجلسون على حافة المكتب أو الطاولة. ابحث عن طرق تعطي انطباعًا بأنك صاحب قوة دون أن تبالغ فيها، ضع رجلاً فوق الأخرى عندما تجلس، ومدّ يديك على جانبي كرسيك بدلاً من ضمّهما معًا. ببساطة حاول قدر الإمكان أن تأخذ حيّزًا أكبر من المكان من حولك.

هذه النقطة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بسابقتها، وتعتمد بشكل كبير على لغة الجسد، هناك وضعيّات للوقوف أو الجلوس يمكنك اعتمادها لتظهر أمام الآخرين بأنك شخص قوي ذو نفوذ وسلطة ومنها: وضعية الأبطال الخارقين المعروفة بـ "Arms Akimbo"، التي تتمثّل بوضع اليدين حول الخصر تمامًا كما يفعل سوبرمان قبل أن ينطلق لإنقاذ العالم! وضع الرجلين إحداهما فوق الأخرى مع وضع اليدين خلف الرأس عند الجلوس. الوقوف مع إمالة الجسم قليلا إلى الأمام ووضع اليدين على الطاولة أو المكتب. حيث تعطي هذه الوضعية انطباعًا بالقوة للحاضرين في الاجتماعات المختلفة. لا تكمن أهمية استخدام مثل هذه الوضعيات، في جعل الآخرين يشعرون بقوتّك وحسب، وإنّما في أنّها تُشعرك أنت أيضًا بالقوّة، حيث أظهرت العديد من الدراسات أنّ البقاء في وضعيّة قوة لمدة دقيقتين أو أكثر يؤدي إلى خفض مستويات التوتر ممّا يشعرك بالمزيد من الثقة. وهكذا، عندما تشعر بالثقة فإنك تقوم بتصرّفات تنمّ عن السلطة والنفوذ ممّا يصبّ مجدّدًا في خزّان الثقة وتستمرّ هذه الحلقة التي تؤدي في نهاية المطاف إلى جعلك شخصًا ذا كاريزما.

عندما نكون على علم ودراية بالمحيط من حولنا، سنشعر بأننا أكثر ثقة بالنفس وأكثر قوّة. ذلك أنّ الألفة تمنحنا شعورًا بالسيطرة، وهذا هو السبب الذي يدفع الكثير من الشركات لرفض موقع معيّن للتفاوض حتى قبل أن تبدأ المفاوضات، جميع الشركات ترغب في أن تتمتّع بميزة التفاوض في مكان تألفه وتمتلك سيطرة عليه. فكّر دومًا في طرق بسيطة تشعرك بأنك مسيطر على الأمور من حولك. حاول أن تصل مبكرًا إلى مكان اجتماعك وتعرّف على المكان قبل أن يبدأ الاجتماع حتى تألفه وترفع من ثقتك. عندما تجلس إلى طاولة في مطعم، قم بإعادة ترتيب الأشياء الموضوعة على الطاولة كعلبة الملح أو زجاجة الماء أو غيرها. حيث أن القيام بمثل هذا الأمر يرسل إلى عقلك الباطن إشارة بأنك تملك نوعًا من السيطرة على هذا المكان (حتى لو كانت ظاهرية)، ممّا سيعزّز ثقتك بنفسك ويزيد من قوّتك الداخلية.

حتى تمتلك عنصر النفوذ والسلطة وتصبح شخصًا كاريزميًا، لا يكفي أن تأخذ حيّزًا أكبر من محيطك الجسدي، وإنما يتعيّن عليك أيضًا أن تأخذ حيّزًا في حواراتك من خلال الآتي: لا تطل مدّة الحديث المتاحة لك، بل على العكس، تحدّث أقلّ من الآخرين مع الحرص على البقاء هادئًا ورزينًا، لأن هذا الأمر سيعطي قيمة أكبر لحديثك، فيصغي إليك الجميع بمجرّد أن تبدأ بالكلام. استغلّ فترات الصمت بحكمة فلا تشعر بالتوتر من لحظات الصمت في الحوار. حاول دائمًا أن تتحدّث ببطء، لأنّ التحدّث بسرعة يشير في الغالب إلى التوتر والقلق. في حين أنّ التمهّل في الكلام يعطي انطباعًا بأن المتحدّث شخص ذكي يزن كلامه قبل أن ينطق به.

ما هي برأيكم التصرّفات الأخرى التي تسهم في زيادة القوة وتشعركم بأنكم أصحاب سلطة ونفوذ؟ شاركونا آرائكم وتعليقاتكم ولا تنسوا التسجيل في موقعنا ليصلكم كلّ جديد.